بمناسبة اليوم العالمي للتوعية باضطرابات الأكل 2025 – رحلتي مع كسر الصمت… ولماذاعلينا كسر الوصمة الآن
بقلم كارين الخازن
حين بدأت عملي الإكلينيكي في دبي منذ أكثر من عشرين عامًا، لم أتخيل أن اضطرابات الأكل ستصبح محور التزامي المهني.
آنذاك، لم تكن كلمات مثل “الأنوركسيا” أو “البوليميا” تُستخدم في عالمنا العربي. كانت هذه الاضطرابات تُعتبر مشكلات
“غربية”، أو سلوكيات مراهقة، أو مبالغة عاطفية.
لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. كنت ألتقي بمراهقات يخفين طعامهن، بأمهات في حيرة، بشبان يعانون من نهم قهري في صمت،
وبمرضى يُشخَّصون خطأً بالاكتئاب لأن أحدًا لم ينظر تحت السطح. وكان السؤال المشترك: “لماذا لا يفهمني أحد؟”
في ثقافتنا، يُنظر إلى الإفراط في تناول الطعام على أنه سلوك طبيعي بل مُحبّذ — علامة على الكرم أو الرجولة أو الترابط
العائلي. لهذا السبب، فإن نهم الأكل القهري غالبًا ما يُفوت تشخيصه أو يُفسر خطأً أو يُهمّش. وكذلك هو الحال مع النساء
المحجبات، حيث لاحظت معاناة صامتة تتعلق بصورة الجسد وتجنبه — معاناة لا يتم التعبير عنها، لأنها ببساطة لا تجد لغة
تصفها، ولا مساحة تُعترف بها.
عندما أسست أول برنامج خارجي متعدد التخصصات لعلاج اضطرابات الأكل في دبي عام 2017، لم يكن هناك نموذج
إقليمي أو تدريب محلي. فقط إيمان بضرورة تقديم رعاية مبنية على الدليل. ومع مرور الوقت، أصبح البرنامج من بين
المراكز القليلة المعترف بها دوليًا في العلاج المعرفي السلوكي المعزز (CBT-E).
ومن هنا جاءت رغبتي في الانخراط على المستوى العالمي، من خلال عضويتي في الأكاديمية العالمية لاضطرابات الأكل
(AED)، حيث أشارك في تطوير المعايير الدولية للممارسة والتدريب، وأمثّل صوت منطقتنا وتحدياتها الخاصة.
على مدى السنوات الماضية، نظّمت خمسة مؤتمرات دولية في الإمارات، جمعت أبرز الخبراء العالميين. وبعد انفجار مرفأ
بيروت عام 2020، قدمت تدريبًا مجانيًا لزملائي في لبنان وقطر. واليوم أعمل على إطلاق تدريب إلكتروني باللغة العربية،
يستهدف المعالجين النفسيين، الأطباء، وأخصائيي التغذية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع ذلك، تبقى الفجوة كبيرة. لا توجد أي مراكز متخصصة لعلاج اضطرابات الأكل في كامل منطقة الشرق الأوسط. عدد
المتخصصين المدربين محدود. الذكور لا يطلبون المساعدة بسبب الوصمة، والمراهقون يُساء فهمهم ويُهمّشون.
تشير الدراسات إلى أن انتشار اضطرابات الأكل في بعض الدول العربية يوازي نظيره في الغرب. لكن التحديات لدينا أعقد
— من الصيام الديني، إلى الصدمة الجماعية، إلى تطبيع السلوكيات القهرية، وتجاهل الضيق المرتبط بالجسد، خاصة في
المجتمعات المحافظة.
اضطرابات الأكل ليست مرضًا غربيًا ولا رفاهية، بل واقع حي في منطقتنا. وهي أمراض يمكن علاجها.
تأهيل الأطباء، الأخصائيين النفسيين، وأخصائيي التغذية على طرق علاجية متخصصة هو ضرورة طبية، اجتماعية،
وإنسانية. إنها الطريقة الوحيدة لنمنح مرضانا الفرصة التي يستحقونها: فرصة الشفاء.
في هذا اليوم العالمي للتوعية باضطرابات الأكل، وتحت شعار هذا العام “كسر الوصمة”، أشارك رحلتي لا للتفاخر، بل للدعوة
إلى التغيير.
لنكسر الوصمة. لنكسر الصمت. ولنصنع معًا مساحات آمنة وعادلة لكل من يعاني.
NOTE: World Eating Disorders Action ™ is a global independent collective founded in 2014 by activists and people with lived experience across the globe to share correct information about eating disorders, promote evidence based treatment and offer a platform for like minded organizations to promote policy, research and program advances, ultimately to help those affected and their families. We bring together over 300 organizations from over 60 countries globally each year. Blog posts by individuals and agencies are the opinions and perspectives of those contributing and not necessarily the views of World Eating Disorders Action.